26 February, 2011

أنا مصري ......... هبدأ بنفسي

02 February, 2011

جــمـعـة الغضب



الحوامدية- الجيزة 28 يناير 2011


استيقظت ولم يكن في ذهني غير أن هذه الجمعة كغيرها ولكن كانت البداية غير مبشرة إطلاقا حيث استمر مسلسل قطع خدمة الأنترنت علي جميع أنحاء البلاد وكذلك بعد الساعة التاسعة صباحا بتوقيت القاهرة تم استهداف شبكات المحمول الثلاثة كليا هنا وأصبحنا خارج العالم !!

ذهبت لأداء صلاة الجمعة في أكبر مساجد المدينة مسجد "الشيخ محمد أحمد" وكان العدد هناك كبيرا كالمعتاد وتولي مسئول الأوقاف الخطبة وكما هوا متوقع بآداء سياسي ركيك حيث ذكر أن المسلم هو ذلك المسالم الذي لا يتفاعل مع دعوات التخريب وأن لعنة الله علي من يقطع طرقات الناس وأنه لا ينبغي التحرك إلا من تحت لواء علماء الأمة أو كما يحلي لي أن اسميهم علماء السلطة وتلي الاية التي فيما معناها أنه إذا جاءنا أمر من الأمن أو الخوف اذاعوه (نحن) ولوا إذا أرجعناه إلي المرجعيات الدينية وإلي أولي الأمر لعلمه الذي يستنبطونه ، وفي رأي لقد أساء استخدام الاية الكريمة وبدا الحضور وكأنه ساخط كليا علي شيخ الحكومة ووصل السخط مداه عندما دعا للطغاة قائلا اللهم أعن رئيس جمهوريتنا وارزقه البطانة الصالحة، ومن الواضح أن دعواته في ذلك المجال لم ترتفع فوق رأسه مطلقا ، وهما الناس أن يغادروا المسجد بعد تلك الخطبة الغراء ولكن يأبا البعض حيث تكلم شخص في وسط المسجد بعد أنتهاء الخطبة بأقل من دقيقة بأننا إذا لم نتحرك اليوم فلن نتحرك أبدأ وأنه كان مشارك في تظاهرات يوم الثلاثاء الماضي في ميدان التحرير وكيف أنها كانت تظاهرة سلمية ومتحضرة ضد الفساد والقمع والظلم وبدأ الناس يستمعون وهنا تدخل خطيب السلطة وعنف الرجل وقال له أخرج خارج المسجد وتحدث ولكن بأسلوب غليظ نوعا ما وهنا تعالت الأصوات في المسجد وحصل الهرج والمرج وكأن هناك البعض الذي يحاول أن يمنع الناس من الإحتكاك مع خطيب المسجد وسٌمعت الهتافات العالية من بعض الفتية والشباب من داخل المسجد حيث رددت شعارات ألهبت حماس الجماهير وكسرت حاجز الصمت !!

" يسقط حسني مبارك، يسقط حسني مبارك" ، حقيقة لم أدري ماذا سيحدث أو ماذا بعد؟

قبل خروجي شاءت الأقدار أن أشاهد مجموعة من أصدقاءي وكانوا هم آيضا يردون الخروج والتعبير عن رفض القهر والظلم والتخلف وذلك حيث أدعي أننا كمواطنون من الطبقة الوسطي المتعلمة نري الحال لا يرَدي عدو فما بالك بالصديق !!

في شارع الجمهورية وأمام أبواب المسجد الكبير تعالت الصيحات وتجمع الشباب وكأنني أري مظاهرات التحرير ولكن في مدينة الحوامدية الباسلة آيضا ، أنطلقت الحشود من أمام المسجد وتعالي الصياح المشهور :"الشعب يريد أسقاط النظام" ، "يسقط يسقط حسني أمبارك." ورأيت الناس في بيوتهم ينظرون من الشرفات وكأنهم غير مصدقين أن هذا يحدث أمامهم علي أرض الواقع ، قابلت صديق لي كأن يود الذهاب إلي الجيزة وبالتحديد مسجد الاستقامة حيث سيكون هناك المعارض محمد البرادعي ولكن لم يجد اي وسيلة مواصلات مطلقا وذلك شئ مستغرب لأننا من أكثر مدن جنوب الجيزة من حيث وفرة وسائل المواصلات المختلفة !!






المسيرة

غالبا دار في ذهننا أننا كجموع متجهيين إلي قسم شرطة الحوامدية وذلك لخط السير الذي بدأ من وسط شارع الجمهورية ثم اتجه شرقا إلي شارع الصحافة وبدأ يكتسب مؤيديين جدد ثم بدأ المسير الكبير بعدد ربما يصل إلي أكثر من ألفين مواطن كلهم متجهين صعودا ناحية كوبري الحوامدية القديم ومن كل مخارج الكوبري بل استثناء تجمعت الشبيبة أمام القسم بأعداد غفيرة جدا وتعالت اصوات المظاهرة بصورت مسموع لمسافات بعيدة تقول : "الشعب يريد إسقاط النظام ، الشعب يريد إسقاط النظام."




كانت هناك عربتان من قوات الأمن المركزي ولكن كل أفرادها كانوا بداخلهما باستثناء فرديين او أكثر ربما كشكل لحماية الناقلتين. لم تكن هناك قوات كبيرة كالتي كنا نعتاد مشاهدتها في مناسبات آخري كأنتخابات مجلسي الشعب والشوري ، فسر البعض ذلك بأن اهتمام الأمن ينصب بالدرجة الأولي علي الجيزة والبرادعي الذي يصلي هناك.

آيضا سمعنا من البعض عن خروج أهالي مدينة ابو النمرس المجاورة بأعداد كبيرة آيضا قاطعيين الطريق السريع هناك .

كان الأمن مسالم جدا علي غير المعتاد بل وطالب المتظاهرون آيضا كل المجنديين وأفراد أمن قسم الشرطة بالانضمام إلي المظاهرة قائليين :" يا عسكري قول الحق ، يا عسكري أنتا مصري ولا لا؟؟ ."

كان المتظاهرون يتجهون شرقا ناحية مركز أمن الدولة بالحوامدية ولكن تأجل ذلك بعض الوقت حيث تحركت الحشود وقطعت الطريق السريع وهي تهتف وكذلك الحشود بأعلي الكوبري هتافت فردية وعشوائية غالبا ،لكن يشفع لهم عدم الاعتياد علي الخروج لمظاهرات تطالب برحيل رأس النظام الحاكم أي الرئيس الحالي حسني مبارك من قبل كثيرا ؟!


طلب رجال الأمن وبعض الرجال الحكماء ضرورة ترك الموقع الحالي والتوجه إلي مكان آخر وهو ما نوهت له من قبل ،أقصد مركز أمن الدولة وتحركت الحشود وعسكر القسم بداية من الجندي العادة إلي أعلي رتبة وكانت عقيد شرطة يمشون خلفنا يراقبون ويتهامسون لا أكثر، والناس من النوافذ والشرفات ينظرون وأغلبهم يسجل اللحظات النادرة علي جوالتهم وآخرون فقط يشاهدون ومن صدمة الموقف ربما لا يتكلمون ببنت شفاة!!


بعد فترة ليست كبيرة من الوقت تجمهرت الجموع أمام مركز أمن الدولة الشهير تهتف ضد الحكومة وضد الرئيس مبارك ولأن المساحة كانت هناك ليست مفتوحة فقد ظهر الحجم الكبير بل الضخم للمتظاهريين والمتابعيين في تلك البقعة الصغيرة من المدينة.


لم يتفاعل أفراد أمن الدولة ربما لأنها مظاهرة سلمية فتحركت المسيرات إلي مدخل مدينة الحوامدية وبالتحديد العزبة الغربية عن طريق شارع شركة السكر الكبير وعند مدخل المدينة كان هناك التجمع الحاشد الذي لم يتجه في البداية إلي داخل المدينة بل أتجه صوب الكباري التي تعبر بك أعلي الحوامدية وتربط القادمين ذهابا من الجيزة والمنيب إلي مدن جنوب الجيزة التي تلينا وآيضا الكوبري الآخر آيابا. بدا الكوبري ولأول مرة بعد تشغيله كأنه في حالة حرب حيث لا سيارة تستطيع العبور من فوقه بل كانت هناك سيارات كانت قد قطعت شوطا ولم يدري سائقوها بالأحداث إلا بعد منتصف الكوبري لم يكن أمامهم سوي الرجوع بسيارتهم بعيدا عن الحشود ، يُقال أن بعض مثيري الشغب رشقت القيادات الأمنية أسفل الكوبري بالحجارة ولكني كنت في طرف بعيد نسبيا فلم أشهد ذالك بأم عيني ، بعد قليل حاول الأمن تهدأت الجموع وتسير الحركة المتوقفة بسبب تعطيل وشل الكباري وتم ذلك بعد فترة ليست طويلة .

رأيت الجموع تتحرك باتجاه داخل المدينة بعد ترك مكانها السابق فوق الكباري ولكن تعذر علي الوصول إليها وغادرت مع المجموعة التي كانت معي منذ الخروج الكبير من المسجد أغلب الوقت إلا من بعد الأوقات التي شهدت تحركات فجائية من المتجمهريين.

هنا تنتهي المشاهدات التي رأيتها وأعود إلي منزلي وكانت غالبا الساعة الثالثة والنصف مساءاً ولم يكن أحد يعلم أي شئ أو أينما كنت بعد صلاة الجمعة نظرا لاستمرار انقطاع خدمات المحمول ، كان يوم سياسيا طويلا حيث استمر الجميع هنا بمشاهدة الأحداث علي قنوات الجزيرة والجزيرة مباشر (التي تغير ترددها حينها) والعربية والبي بي سي والمستقلة وآيضا الفضائية المصرية التي لم يكن لديها أي شئ تقدمه سوي أن الأمور مستقرة والأحوال علي أفضل نحو أمنيا ولكن لاحقا اكتشفنا أن جهاز الأعلام الحكومي يكرر أخطاء نكسة 67 !!!


أكد لي أكثر من مصدر أن قسم الحوامدية وآيضا مقر الحزب الوطني ومجلس المدينة ومصلحة الجوازات ومكتب البريد بل وحتي منشاءات مدرسة الحوامدية الثانوية للبنات تم تدميرها ونهب كل ما فيها من قبل مجموعة من المخربيين وأرباب السجون واللصوص !!!!

وهذا شئ قد أغضبني حيث تحولت المسيرات السلمية إلي مصادمات وأعمال تخريب من قبل بعض الحثالة ، تلك الأعمال الغير مقبولة من الشباب الحر المثقف هنا وليست مقبولة مني أنا آيضا. لا ندري من أحرق هذه المنشاءات هل هي مجموعات غاضبة قد وقع عليها الكثير من ظلم الجهاز الأمني من قبل ،وفي ذلك التوقيت هل تريد الأنتقام أم هي ايدي عابثة مخربة فقط تريد تقليد الحرائق الكثيرة التي شهدتها القاهرة وغيرها !!


كان يوم طويل، فقط التلفاز هو ما يربطنا بالعالم الخارجي بعد قطع الإتصالات التي ربما كانت ستكون عامل أمني قوي جدا في التواصل ليس فقط بين النظام الأمني المدمر أو المهمش عمدا أو جبرا والذي يتواصل فيما بينه علي أمواج اللاسلكي بل ايضا تواصل بين المدنيين من الموطنيين الذي تعرضوا لأعمال سلب ونهب من قبل بعض ضعاف النفوس والحثالة والمجرميين وربما أذيال النظام !!!

فقط عند العاشرة تقريبا صباح سبت اليوم استطعت أن أري مؤشر الشبكة يستفيق بعد غفوة طويلة استمرت أكثر من أربع وعشرين ساعة .



آيضا خدمة الأنترنت ما زالت غابة حتي لحظة كتابة هذا المقال !!!


في النهاية ليس لي أن اقول سوي : " لك الله يا مــــصـــر" .



مهندس/ محمد حامد حامد
29 يناير 2011 , 12:52 مساءأ